كلمة سعادة رئيس بلدية بيت لحم أ. فيرا بابون في مؤتمر جبرا ابراهيم جبرا
كلية دار الكلمة – بيت لحم
يوم الجمعة الموافق 25/1/2013
السيدات والسادة الحضور مع حفظ الألقاب للجميع،
اسمحوا لي بدايةً أن أحييكم جميعاً، بالأصالة عن نفسي ونيابةً عن مجلس بلدية بيت لحم، وأود أن أوجه تحيةً خاصة للفنانين من العراق، أهلاً وسهلاً بكم بين أهلكم في مدينة الميلاد، بيت لحم.
نجتمع سويةً لنقف على أعمالِ شخصيةٍ فلسطينية، تلحمية، حَمَلَت أعماله هموم شعبه وقضيته، وسطّر بقلمه وريشته أصدق صورة تُعيدنا إلى ذكرياتٍ خَلَت، وأصبحت جزءاً من ماضٍ لم ولن يُمّحى من ذاكرة الأجيال، إنه جبرا ابراهيم جبرا، ابن بيت لحم الذي نفخر به كرجلٍ عظيم وُلِدَ في أزقة البلدة القديمة لبيت لحم.
إنسانٌ لم تعرف لغته سوى الأدب والفن، فكانت لغة حياة بالنسبة له، منها استطاع الوصول إلى مشارق الأرض ومغاربها، ليكون علامةً فارقة ومهمة في تاريخ ثقافتنا الفلسطينية والحضارة العربية؛ بقلمه كان شاعراً وكاتباً وراوياً وناقداً ومترجماً، أبدع فيها جميعها كما لم يفعل كثيرون مثله، وبريشته كان فناناً تشكيلياً أبدعَ برسوماتٍ تتناقلها الأجيال العربية برمتها، جيلاً تلو الآخر، فهو مَن قال ذات يوم: "الفن يشير إلى تحرر الإنسان في ساعات إبداعه ليُعطي مذاق الحرية للآخرين إلى الأبد".
الحضور الكريم،
بعد نكبة شعبنا التي عبّر عنها جبرا ابراهيم جبرا في غيرِ محل، بقيت لوحاته هُنا في بيت لحم، على أملِ عودةٍ قريبة إلى مسقط الرأسِ وعنوان الحياة، ولكن شاءت الأقدار أن يبقى الأديب والفنان خارج بيت لحم، قسراً لا طوعاً، فهو مَن قال أيضاً: "لعنة واحدة هي أوجع اللعنات: لعنة الغربة عن أرضك"، كيف لا، وإذا كانت هذه الأرض هي بيت لحم، البئر الأولى، بعبق تاريخها العتيد، ومكانتها العالمية العظيمة، وأزقتها التي عاش فيها أديبنا وفناننا سنين طفولته، فتكون الغربة أشد قسوةً، وأكثر صعوبة.
يغيب جبرا وتبقى رسوماته مهجورة، فتبدأ رحلةُ البحث الطويلة عنها من الأجيال التلحمية اللاحقة، وبعد جهد كبيرٍ وجدها الشاب التلحمي جورج ميشيل الأعمى، لتعود هذه الرسومات إلى الحياة بعد سنين طويلة، بِعَدَدِ سنوات نكبة شعبنا الفلسطيني.
وهنا أود أن أشكر السيد جورج الأعمى على جهوده، ولدوره في حفظ التراث التلحمي والمقتنيات الأثرية القديمة، وأدعو أبناء بيت لحم اليوم للاهتمام بتراثهم وثقافتهم وإنجازات عُظماء أبنائها أمثال جبرا ابراهيم جبرا وغيره الكثيرين، فأنتم جيل اليوم مَن تحافظون على هذا التراث لتنقلوه إلى أبنائكم من بعدكم ليقوموا هُم أيضاً بمهمة الحفاظ عليه.
كما يسعدني ويشرفني أن أشيد بدور كلية دار الكلمة في احتضان هذا المؤتمر، الذي سيساهم في تسليط الضوء على شخصية تلحمية فلسطينية لها تأثيرٌ كبير على الأدب والفن العربي، ودور الكلية في نقل الثقافة إلى الأجيال الفلسطينية اللاحقة.. شكراً جزيلاً لكم.
الحضور الكريم،
كانت المرأة حاضرة وبقوة في كتابات جبرا، ورسوماته، فالمرأة هي العنوان والحياة، ومن والدته تعلّم جبرا عزّة النفس والصمود؛ وإذ نحتفل اليوم باكتشاف اثنتي عشر لوحة، فإننا نضمُها إلى المؤلفات العديدة التي كتبها جبرا وينهل منها أبناؤنا وبناتنا، وترجماته العديدة التي تضع بين أيدي القاريء العربي أهم ما جاء في الأدبين الإنجليزي والأمريكي، كما أنّ أعماله تُرجمت إلى عدّة لغات لتكون دليلاً على عظمة هذا الأديب والفنان وعطائه المتميز.
في النهاية، أتمنى لكم كلّ التوفيق، وأشكركم جميعاً على حضوركم.
شكراً لكم.
أ. فيرا بابون
رئيس بلدية بيت لحم